Friday, September 24, 2010

المستفيدون من الفتنة





 من المستفيد الأكبر من حوادث الفتنة الطائفية المتزايدة فى الفترة الأخيرة؟ هذا السؤال موجه فقط إلى المتطرفين والغوغائيين مسلمين ومسيحيين؟

لا نريد منهم إجابة سريعة بل عليهم وبعد أن يسبوا ويشتموا وينتقدوا، وبعد أن يمارسوا كل طقوس تطرفهم، عليهم أن يفكروا قليلا.. عليهم فقط أن «يشغلوا» عقولهم بموضوعية ولو قليلاً. فربما ظهرت لهم وجهة نظر أخرى تستحق المناقشة.

قبل أسابيع قليلة شاهدنا مظاهرات لمسيحيين غاضبين فى المنيا، سرعان ما انتقلت إلى القاهرة تطالب بتحرير السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن ديرمواس من قبضة مختطفيها المسلمين، ثم تبين أن الأمر لم يكن اختطافا وعادت السيدة، ليس إلى منزلها بل إلى مكان تعلمه أجهزة الأمن والكنيسة، وتتداول وسائل الإعلام قصصا غير مؤكدة أن السيدة أسلمت فعلا.

الآن بدأنا نرى مظاهرات تنطلق من المساجد الكبرى تطالب بتحرير كاميليا من قبضة خاطفيها وإعادتها إلى دينها الجديد الذى هو الإسلام.

ونشهد هذه الأيام أيضا قصة جديدة بطلتها تدعى مادلين عصام جرجس وعمرها 16 عاما ومختفية منذ أربعة أسابيع من قرية التوفيقية فى سمالوط، وتهدد المطرانية بالتظاهر والاعتصام فى القاهرة إذا لم تعد الفتاة إلى أسرتها.

وقبل أسابيع قتل شاب مسيحى هو إيهاب وحيد موسى ومعه خمسة آخرون شابا مسلما فى بنها لأنه تزوج من شقيقته هايدى التى اعتنقت الإسلام.

تخيلوا أن كاميليا أو وفاء قسطنين أو هايدى أو آلاف المسيحيات دخلن الإسلام.. المؤكد والبديهى أن ذلك لن يضر المسيحية ولن يجعلها تنتهى كديانة، كما أنه لن يغير من حال الإسلام شيئا.

الأمر نفسه عندما يتنصر المئات والآلاف فى أفريقيا وآسيا بسبب الفقر أو الجهل.. هذا الأمر لن يجعل الإسلام ينتهى غدا.

نسمع عن الآلاف يدخلون الإسلام كل يوم فى أوروبا وأمريكا.. فما الذى حدث. أو تغير.. لا شىء، والسبب ببساطة أنه فى مناخ الحرية والديمقراطية والتعددية فإن الإنسان حر فى معتقداته، وأن يعتنق الإنسان دينا معينا أو يصبح بلا دين فهذا شأنه الخاص.

سؤال آخر هو: أيهما أفضل أن نتظاهر مسلمين ومسيحيين معا من أجل حل مشاكل البطالة والتعليم والصحة، أم من أجل معرفة مصير السيدة كاميليا؟!

مبدئيا وحتى لا يتهمنى البعض بالإغراق فى الخيال أقول إننى متعاطف مع كاميليا الانسانة، وحقها وحق غيرها فى اعتناق ما تشاء وعدم إكراهها على البقاء فى مكان أو بيت أو دين لا تقتنع به.

يا أيها المتطرفون فكروا بمنطق الأولويات.. تظاهروا واعتصموا، لكن ليس أمام المساجد والكنائس من أجل كاميليا أو مادلين أو المتنصر محمد حجازى.. بل من أجل حق أولادكم فى تعليم محترم ومستشفيات إنسانية وطرق آمنة.

وقبل كل ذلك وبعده تظاهروا سلميا من أجل حقكم فى اختيار نوابكم فى البرلمان وانتخاب رئيسكم.. دافعوا عن حقكم فى الحرية والديمقراطية والتعددية.

لو حدث ذلك فسوف تنصلح كل الأمور تلقائيا.. عندما تكون هناك ديمقراطية حقيقية فإن دخول كاميليا الإسلام أو البوذية سيكون ذلك شأنها الخاص، ولن يشعر به أحد، سيركز الجميع فى عمله، وسيذهب كل شخص إلى مسجده أو كنيسته ليعبد ربه كما يشاء.

بل عندما تكون هناك ديمقراطية حقيقية ستضطر الحكومة إلى الانصياع للأغلبية فى تطبيق ما تشاء من قوانين حتى لو كانت دينية.

وإلى أن يحدث ذلك فالواضح أن المستفيد الأكبر من هوجة الفتنة وتزايدها هو كل من يكره هذا الشعب ويعاديه، ثم الحكومة، والسبب أن الناس تغرق فى مستنقع الفتنة وتنسى قضاياها الحقيقية

No comments:

Post a Comment