Friday, March 2, 2012

التسامح والتعددية الديموقراطية



التسامح، هو "فضيلة التعددية الديموقراطية"، كما يقول روبرت باول ولف، فبدون تسامح لن يكون هناك اي فرصة لوجود تعددية ديمقراطية. فالتسامح يعني قبولك للآخر و لوجوده، وبالتالي قبولك لعدم امتلاك الحرية المطلقة بل و ايمانك بأن جزء من الحقيقة موجود لدى الآخر.

والتسامح هو اللبنة الاساسية في بناء العقد الاجتماعي لأي دولة او مجتمع. فبتسامحك تتنازع عن جزء من حريتك مقابل المصلحة العامة، و تتقبل وجود الآخر و افكاره، التي لا تضر بك ولا بحريتك، وان كنت لا ترى ان هذه الافكار هي الافضل.

والتسامح هو شكل من اشكال الحرية، فبتسامحك مع الآخر تعطيه حقه في التعبير عن نفسه. و هو،اي التسامح، خيارك الخاص وحريتك التي تختارها بنفسك. وفي المقابل فإن التسامح هو شكل من اشكال التنازل عن حريتك في مقابل المصلحة العامة.

اذا فنتاج التسامح هو التعددية في الافكار و المعتقدات.

وبدون التعددية الديموقراطية لا يوجد ديموقراطية، فالديموقراطية نتاج للتعددية والاختلاف، وهي صراع ايجابي بين الاضداد بحيث يحاول كل ضد ان يثبت جدارته.و من خلال هذه الصراع بين التعدديات الديموقراطية يلعب التسامح دورا مهما في تطوير اداء المجتمع "فالتطور الانساني بحاجة لشرطان ضروريان هما الحرية وتنوع المواقف" *.

تبدأ المجتمعات الناشئة بنشاط وتطور كبير ذلك ان التنوع الفكري او الديموقراطي فيها كبير جدا. وتصل هذه المجتمعات لمجموعة من الحقائق و العادات الناتجة عن جدلها الخاص، وهي ما تجعلها اكثر تراصا وقوة يوما عن يوم.

و بما ان الانسان كما يقول جون ستيورات ميل يميل الى الاعتدال في النزعات، فما تلبث هذه المجتمعات لتدخل في طور من التجانس الفكري والسياسي. ونتيجة لهذا التجانس يقل الاختلاف وتقل التعددية وبذلك فقد يدخل المجتمع في حالة من الجمود الانساني. فيصبح التغيير لمجرد التغيير لا بسبب الحاجة للتغيير، فالناس متناغمة نوعا ما و متقبلة الاختلافات بينها.

وهنا تأتي مهمة المجتمع بالمحافظة على جدله الخاص به، فبدل تعليم الابناء وتلقينهم الحقائق التي تم التوصل اليها، يصطنع المجتمع دائما جدلا خاصا بأبنائه، ليصل الأبناء من خلال هذا الجدل والتجربة العلمية لنفس الحقائق بل ولحقائق اكثر دقة. وهنا يكون المجتمع قد حافظ على شروط التطور من خلال تقوية الحرية والتسامح و دعم التعددية وتنوع المواقف.

No comments:

Post a Comment