Friday, December 31, 2010

انتكاسة المسلمين الامريكيين




كتب: أحمد حسن السمان


فى الذكرى التاسعة لهجمات الحادى عشر من سبتمبر.. يواجه المسلمون فى الولايات المتحدة انتكاسة حقيقية، وذلك مع تزايد حوادث العنف والكراهية إلى الدرجة التى جعلت عددا من الجمعيات والمنظمات الإسلامية يلغى احتفاله بعيد الفطر بسبب تزامنه مع ذكرى تلك الهجمات.

فعلى عكس ما جرى خلال الأعوام الثمانية الماضية.. وخلافا لما هو متوقع من دولة يحكمهما رئيس يحمل اسما إسلاميا، وينظر إليه على اعتباره صديقا للمسلمين وهو باراك حسين أوباما.. وإدارة بدأت ولايتها بالتوجه إلى الأمة الإسلامية بخطاب من قلب قاهرة المعز فى 4 يونيو 2009، إلى العالم الإسلامى لإزالة مشاعر عدم الثقة بين الطرفين، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن وضع بعض المسلمين يبدو محفوفا بالمخاطر حاليا أكثر من أى وقت مضى منذ هجمات 2001..

وتفسر الصحيفة ذلك بأن مشاعر عدم الثقة تتزايد بشكل كبير، خاصة فى الولايات التى تميل إلى الحزب الجمهورى، وهى المشاعر التى نجح الرئيس السابق جورج بوش فى تحجيمها بعد أن أعلن من قلب أحد المساجد الأمريكية أن "الإسلام يعنى السلام.. وأن المسلمين جيراننا وأصدقاؤنا" وبعد تأكيده على الفصل بين الإرهاب والإسلام، وعلى عكس ما كان يقوم به بوش يتولى سياسيون جمهوريون اليوم النفخ فى مشاعر الخوف والكراهية من المسلمين فى إطار التنافس السياسى مع الحزب الديمقراطى، وذلك على خلفية بناء مركز إسلامى يدعى مسجد قرطبة فى مانهاتن بالقرب من موقع الهجوم على مركز التجارة العالمى.

فقد أعلن الرئيس باراك اوباما وعمدة ولاية نيويورك الديمقراطى مايكل بلومبرج تأييدهما لبناء المركز فى إطار تأييدهم وقناعتهم بالحرية الدينية التى يكفلها الدستور الأمريكى، بل أن بلومبرج "يهودى الديانة" جدد تأكيده على أن التخلى عن خطة بناء المسجد يصب فى صالح المنظمات الإرهابية ويمنحها مادة للدعاية ويضرب فكرة التسامح الدينى فى الصميم. من ناحيتهم صعد سياسيون جمهوريون من هجومهم وأكد بعضهم أن المسلمين لن يكونوا أمريكيين صالحين وأن المساجد عبارة عن واجهة للمتطرفين والجهاديين والإرهابيين.

المفارقات فى هذا الموقف كثيرة، ولكن أهمها أن ما أدى إلى انتكاسة المسلمين، وضياع جهود الأعوام الثمانية الماضية من قبلهم للتعريق بالدين الإسلامى وتوضيح أنهم يعادون الإرهاب لم يكن بسبب هجوم إرهابى نسب إليهم.. بل بسبب فكرة بناء مركز أحد أهدافه الرئيسية الحوار بين مختلف الأديان.. واشتعلت موجة جديدة من المشاعر المعادية للإسلام وللمسلمين، جعلت بعض المسلمين الأمريكيين فى حالة من الرعب أكثر مما شعروا به بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر بعد انتشار الشك والكره والاعتداءت على نطاق واسع، وهو ما يبدو من الانتشار الجغرافى لأعمال التخريب والمضايقات، حيث تم حرق أدوات بناء مسجد فى ولاية تينيسى وفى كاليفورنيا تم إلقاء خنزير بلاستيك داخل مسجد.

وفى نيويورك نفسها التى يعارض ثلثا سكانها بناء المركز الإسلامى تعرض أحد المساجد لإطلاق نار خلال صلاة التراويح فى ظل وجود مؤشرات عدة على زيادة معدلات الجرائم ضد المسلمين بشكل عام، والخوف من سقوط ضحايا، خاصة بعد طعن سائق تاكسى مسلم داخل نيويورك. وبعد تهديد راعى كنسية فى فلوريدا بإحراق نسخ من القرآن فى يوم 11 سبتمبر..

والآن بعد تسع سنوات من هجمات الحادى عشر من سبتمبر يعانى المسلمون من انتكاسة حقيقية لسببين رئيسيين، أولهما وجود جماعات وقوى سياسية وعسكرية واقتصادية أمريكية لها مصلحة حقيقة فى وجود عدو مجسم أمام المواطن الأمريكى، ولم يجدوا حتى الآن بديلا عن المسلمين. وثانيهما غباء اختيار موقع بناء المركز الإسلامى الذى لم يراع مشاعر الأمريكيين وكان من الممكن تجنب كل ذلك لو تم اختيار موقع بديل، خاصة أن كل هذا العداء انطلق بمجرد إعلان فكرة موقع بناء المركز.. فما الذى يمكن أن يحدث فى حال البدء فى بناء المركز و تشغيله؟.. ومتى يكف المسلمون عن إعطاء أعدائهم السلاح الذى يستخدمونه ضدهم؟.

No comments:

Post a Comment