Thursday, July 15, 2010

التناقض بين التشدد الدينى والإنحلال الأخلاقي في المجتمع المصري



كتبت: مي إبراهيم 

مما لاشك فيه أن في حياة كل منا الكثير من التناقضات. لكن التناقض الذي يمر به المجتمع المصري الآن لم يسبق له مثيل سواء في مصر أو العالم العربي أو العالم كله. حيث أننا نرى في مصر الآن مزيج غير مفهوم من التشدد الديني المقترن بالإنحلال الأخلاقي. 

  هناك محطة فضائية شهيرة تعرض برامج دينية متشددة تحرم علينا كل شيء في حياتنا وفى نفس الوقت تعرض إعلانات قد تتنافى تماماً مع ما يذكر في برامجها، وهناك الكثير جداً من القنوات الترفيهية التي تعرض الأفلام والمسلسلات والأغاني وفي الفواصل الإعلانية تعرض إعلانات دينية بها مقاطع من القرأن الكريم أو الأحاديث الشريفة. 

وحدث ولا حرج عن القنوات المتشددة التي ترسخ الفكر الوهابي والتي هي في الأصل ممولة من جهات مهتمة بنشر هذا الفكر، وعددها في تزايد مستمر. إلا أن إقبال الناس عليها قد ضعف بشكل كبير مؤخراً بسبب ما أكتشفوه فيها من تشدد مبالغ فيه بالإضافة إلى استغلال هذه القنوات لتعاطف المشاهدين مع كل ما هو مرتبط بالدين في ترويج سلع وعمل إعلانات وجني أرباح.

لكن ما السبب في تزايد غياب الوسطية وزيادة التناقضات في مجتمعنا المصري؟ من وجهة نظري، أعتقد أن وجود أكثر من قناة متشددة وعدم تحمل الناس بعضها البعض ومحاولتهم تحميل المسئولية للآ خرين هي كلها السبب. ليست التغيرات الإجتماعية وحدها، وليست القوانين وحدها هي المسئولة عن غياب التسامح الديني في مصر. لكن في الحقيقة هذه المسئولية تقع على عاتق الشعب والحكومة معاً. 

من الجميل أن يكون لكل منا رأي مختلف في طريقة إدارة حياته، لا سيما الدينية لأن الدين في الأساس علاقة خاصة جدا بين الإنسان وربه. لكن الأجمل أن نتقبل بعضنا البعض على اختلافاتنا تلك دون أن نعتقد أن رأينا هو دائماً الصواب ورأي غيرنا هو دائماً الخطأ.

أضف إلى ذلك سبب مهم جداً وهو الشرخ الذي حدث مع حوادث الإرهاب الآثم التي تعرضت لها مصر ودخول الجماعات الإسلامية المتشددة وتجنيد الشباب والترويج لأفكار بعيدة تماماً عن الإسلام الصحيح وعن طبيعة المجتمع المصري أيضاً. لقد مارسوا أعمال عنف بشعة ضد نساء وأطفال ومدنيين عزّل بحجة أنهم كفار وخارجين على قواعد الشريعة. أي أنهم كانوا يقتلون ويسرقون تحت اسم الدين والإسلام برئ منهم. وهذا ما أدى إلى حدوث حالة من عدم الإتزان لدى العامة واستنزف الكثير من طاقة الحكومة في مواجهتها.

ولكي نحل تلك المشكلة فإنني أقترح ان نرسخ فكرة التسامح الدينى فى المناهج الدراسية وأن تتعامل الحكومة بنوع من المساواة بين كافة المواطنين دون التميز بينهم على أساس الدين أو غيره، أما بالنسبة للناس، فيجب أن يتعلم المصريون الحكم على الأشياء بالعقل وليس بالقلب حتى لا يقعوا فريسة لمن يستغلون عواطفهم أسوأ استغلال. لا يجب أن نعين أنفسنا أوصياء على من حولنا. كل شخص حر في اختياراته وهو وحده من يتحمل مسئولية نفسه، ونفسه فقط. والكلمة الأخيرة الدين لله والوطن للجميع. 

No comments:

Post a Comment